كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَصَاةِ إلَخْ) وَلَوْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ أَوْ ثُلُثَيْهِ فِي الْحَصَاتَيْنِ أَجْزَأَ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الْمُدِّ فِي الْحَصَاةِ أَيْ وَاللَّيْلَةِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الشَّاةِ انْتَهَى. اهـ. وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ بَاتَ الثَّالِثَةَ) أَيْ أَوْ تَرَكَ مَبِيتَهَا لِعُذْرٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبَ إلَخْ) يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ تَنْزِيلُ الْمُدِّ مَنْزِلَةَ مَا نَابَ عَنْهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الدَّمِ فِي كَوْنِهِ مُرَتَّبًا فَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى إخْرَاجِهِ الْعُدُولُ لِثُلُثِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَيَصُومُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الدَّمِ أَصَالَةً مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ لَكِنَّ تِلْكَ الْعَشَرَةَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ فَيَصُومُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْحَجِّ أَيْ قَبْلَ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهِ وَسَبْعَةَ أَعْشَارِهَا إذَا رَجَعَ فَالْمُعَجَّلُ يَوْمٌ وَعُشْرَا يَوْمٍ وَالْمُؤَخَّرُ يَوْمَانِ وَثَمَانِيَةُ أَعْشَارِ يَوْمٍ فَيُعَجِّلُ يَوْمَيْنِ وَيُؤَخِّرُ ثَلَاثَةً إلَخْ وَقَوْلَهُ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ يُتَأَمَّلُ لِمَ وَجَبَ جَبْرُ الْمُنْكَسِرِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي الْحَجِّ وَمَا يَكُونُ إذَا رَجَعَ وَهَلَّا قَسَمَ قَبْلَ الْجَبْرِ ثُمَّ جَبْرُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُنْكَسِرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ لِيَكُونَ الْوَاجِبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ بَعْدَ الْجَبْرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُحَرَّرْ بُرْهَانُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْجَبْرِ أَوَّلًا وَثَانِيًا سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ صَامَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ، وَإِنَّمَا جَبَرْنَاهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَعْشَارًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يُعْهَدْ إيجَابُ بَعْضِهِ فَثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا يَوْمَانِ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ تَعَدَّى بِالتَّرْكِ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةٌ فِي وَطَنِهِ أَوْ مَا يُرِيدُ تَوَطُّنَهُ هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ وَقِيلَ يَصُومُ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَتُبْسَطُ أَثْلَاثًا فَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ فِي الْحَجِّ وَثَلَاثَةٌ إذَا رَجَعَ فَفِي ذَلِكَ الْجَبْرُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَرَدَّهُ فِي الْإِمْدَادِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَجِبُ فِي الْمُدَّيْنِ الْوَاجِبَيْنِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ وَهُمَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ بِالتَّكْمِيلِ فَثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةٌ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا خَمْسَةٌ بِوَطَنِهِ أَوْ مَا يُرِيدُ تَوَطُّنَهُ أَفَادَهُ فِي التُّحْفَةِ وَذَكَرَ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا نَصُّهُ سُئِلَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي حَاجٍّ تَرَكَ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ فِي الْحَصَاةِ مُدٌّ فَأَعْسَرَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. اهـ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ تَعَدَّى بِالتَّرْكِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا تَرْكُ حَصَاةٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي.
(وَإِذَا أَرَادَ) الْحَاجُّ، أَوْ الْمُعْتَمِرُ وَغَيْرُهُ الْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ (الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ)، أَوْ مِنًى عَقِبَ نَفْرِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْوَدَاعِ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ عِنْدَ عَوْدِهِ إلَيْهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فَقَدْ وَهِمَ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ مُطْلَقًا، أَوْ دُونَهَا، وَهُوَ وَطَنُهُ، أَوْ لِيَتَوَطَّنَهُ وَإِلَّا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنْته ثَمَّ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ مَنْ نَوَى الْعَوْدَ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ (طَافَ وُجُوبًا كَمَا يَأْتِي لِلْوَدَاعِ) طَوَافًا كَامِلًا لِثُبُوتِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَلْيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهِ بِبَيْتِ رَبِّهِ كَمَا أَنَّهُ أَوَّلُ مَقْصُودٍ لَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عُمُومِهِ لِذِي النُّسُكِ وَغَيْرِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ، وَإِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي رَدِّهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ مِنْهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ أَرَادَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ وَاتُّجِهَ أَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ إثْرَ نُسُكِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ نَظَرًا لِلتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ لِانْتِفَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهِ فِي النُّسُكِ عَدَمُ طَلَبِهِ فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا.
وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ عُمْرَانِ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ فَطَرَأَ لَهُ السَّفَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ دُخُولُهَا لِأَجْلِ طَوَافِ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ حَالَ خُرُوجِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ) كَرَكْعَتَيْهِ وَالدُّعَاءِ الْمَنْدُوبِ عَقِبَهُمَا ثُمَّ عِنْدَ الْمُلْتَزِمِ، وَإِنْ أَطَالَ فِيهِ بِغَيْرِ الْوَارِدِ، وَإِتْيَانُ زَمْزَمَ لِيَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، فَإِنْ مَكَثَ لِذَلِكَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ فِعْلِ جَمَاعَةٍ أُقِيمَتْ عَقِبَهُ وَفِعْلِ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ، وَإِنْ طَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ وَإِلَّا كَعِيَادَةٍ، وَإِنْ قَلَّتْ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ بَلْ الْمَنْصُوصَ اغْتِفَارُ مَا بِقَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْ: أَقَلَّ مُمْكِنٍ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ سَائِرِ الْأَغْرَاضِ إذَا لَمْ يُعَرِّجْ لَهَا لَزِمَتْهُ وَلَوْ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا بِخِلَافِ مَنْ مَكَثَ بِالْإِكْرَاهِ، أَوْ نَحْوِ إغْمَاءٍ عَلَى الْأَوْجَهِ (وَهُوَ وَاجِبٌ) عَلَى كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا لِمَا مَرَّ (يُجْبَرُ تَرْكُهُ)، أَوْ تَرَكَ خُطْوَةً مِنْهُ (بِدَمٍ) كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا هُوَ تَابِعٌ لِلنُّسُكِ وَلِشَبَهِهِ بِهَا صُورَةً فِي غَيْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَنَاسِكِ أَنْ لَا دَمَ فِيهِ عَلَى مُفَارِقِ مَكَّةَ فِي غَيْرِ النُّسُكِ نَعَمْ الْمُتَحَيِّرَةُ لَا دَمَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهَا بِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ.
(وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ لَا تُجْبَرُ) أَيْ: لَا يَجِبُ جَبْرُهَا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا تَحِيَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ دَخَلَ تَحْتَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ إذْ لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَفَعَلَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهُ (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَخَرَجَ بِلَا وَدَاعٍ) عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَعَادَ قَبْلَ) بُلُوغِ نَحْوِ وَطَنِهِ، أَوْ (مَسَافَةَ الْقَصْرِ) مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الْوَدَاعَ لِلْبَيْتِ فَنَاسَبَ اعْتِبَارُ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ نِسْبَةً إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ وَقِيلَ مِنْ الْحَرَمِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ (سَقَطَ الدَّمُ) أَيْ: بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ مَكَّةَ بُعْدًا يَقْطَعُ نِسْبَتَهُ عَنْهَا وَعَوْدُهُ هُنَا دُونَ مَا يَأْتِي وَاجِبٌ إنْ أَمْكَنَهُ (أَوْ) عَادَ وَقَدْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَوَاءٌ أَعَادَ مِنْهَا، أَوْ (بَعْدَهَا)، وَإِنْ فَعَلَهُ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِمَا ذُكِرَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنًى عَقِبَ نَفْرِهِ مِنْهَا) وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ بَعْدَ أَعْمَالِهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ نَفَرَ قَبْلَ أَعْمَالِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَالَ وَلَا أَيْ وَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى أَهْلِ مِنًى إذَا خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إلَى مِنًى؛ لِأَنَّهُمْ، وَإِنْ قَصَدُوا وَطَنَهُمْ لَكِنَّهُمْ قَصَدُوهُ قَبْلَ فَرَاغِ أَعْمَالِ مِنًى وَإِذَا صَارُوا فِيهِ سَقَطَ الْوَدَاعُ إذْ لَا مُفَارَقَةَ لِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَصَدُوا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى لِيَأْتُوا بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يَسِيرُونَ مِنْهَا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ وَدَاعٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا فَرَغُوا مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا وَهُمْ فِي وَطَنِهِمْ وَمُفَارَقَةُ الْوَطَنِ بَعْدَ مَكَّةَ لَا تُوجِبُ وَدَاعًا وَلَوْ اسْتَمَرُّوا بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى مِنًى فَهَلْ يَجِبُ الْوَدَاعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوُجُوبُ مُحْتَمَلٌ فَلْيُرَاجَعْ جَمِيعُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ) هَلْ مِثْلُ الْفَرَاغِ تَفْوِيتُ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ مَعَ مُكْثِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ) لَوْ فَرَغَ جَمِيعُ النُّسُكِ لَكِنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَزِمَهُ الصَّوْمُ بَدَلَهُ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَرَادَ السَّفَرَ إلَى بَلَدِهِ وَأَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَدَلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَحِلَّهَا بَلَدُهُ وَلَوْ تَوَقَّفَ لُزُومُ الْوَدَاعِ عَلَيْهَا لَزِمَ سُقُوطُهُ عَنْهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ صَوْمِهِ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَصُومَهَا أَيْضًا بِبَلَدِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ فَهَلْ يَصِحُّ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَيَلْزَمُهُ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ بَدَلًا عَنْهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ كَوْنِهِ مِنْ تَوَابِعِهَا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ عَنْهَا وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ تَابِعًا لِشَيْءٍ وَمُسْتَقِلًّا أَيْضًا كَالسِّوَاكِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَجِبُ أَيْ النِّيَّةُ فِي النَّفْلِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ إلَخْ) لَوْ فَارَقَ عَقَبَةَ مَكَّةَ إلَى مَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَعَادَ وَدَخَلَهَا فَوْرًا ثُمَّ خَرَجَ فَهَلْ يَحْتَاجُ هَذَا الْخُرُوجُ لِوَدَاعٍ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ جَدِيدٌ أَوْ لِبُطْلَانِ الْوَدَاعِ السَّابِقِ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَوْدُهُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَأَخْذِ حَاجَةٍ لِلسَّفَرِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَاكِثِ لِحَاجَةِ السَّفَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ وَأَطْلَقَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ فِي جَوَابِ سَائِلٍ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْإِعَادَةُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ إنْ تَمَكَّنَ وَإِلَّا فَلَا شَرْحَ م ر.
(قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ أَوْ جَهْلًا وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَظْهَرُ فِيمَنْ خَرَجَ تَارِكًا لَهُ عَامِدًا عَالِمًا وَقَدْ لَزِمَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ لَهُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ أَيْ وَقَبْلَ وُصُولِ وَطَنِهِ لَمْ يَأْثَمْ وَإِلَّا أَثِمَ، وَإِنْ عَادَ فَالْعَوْدُ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ لَا لِلْإِثْمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) هَلَّا قَالَ أَوْ وَطَنَهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ مَنْ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ كَالْمُرَحِّلَتَيْنِ فِيمَا تَقَرَّرَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ سَوَاءٌ أَيِسَ أَمْ لَا خِلَافًا لِشَيْخِنَا. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَرَادَ) أَيْ بَعْدَ قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِسَفَرٍ وَلَوْ مَكِّيًّا طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَافَ لِلْوَدَاعِ طَوَافًا كَامِلًا فَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَهُ وَلَا عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ وَلَا الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ لِلتَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيمَنْ أَرَادَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْحَاجّ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا بَيَّنْته إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ مِنًى إلَى قَوْلِهِ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ)، وَهُوَ الْحَلَالُ وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُ الْوَاوِ بِأَوْ.
(قَوْلُهُ: الْمَكِّيُّ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ وَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا إبْدَالَ الْوَاوِ بِأَوْ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ مِنًى.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) أَيْ بِالطَّوَافِ الْمَذْكُورِ و(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَمَّى إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِمُطْلَقِ الطَّوَافِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ. اهـ. و(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى أَهْل مِنًى إذَا خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إلَى مِنًى؛ لِأَنَّهُمْ، وَإِنْ قَصَدُوا وَطَنَهُمْ لَكِنَّهُمْ قَصَدُوهُ قَبْلَ فَرَاغِ أَعْمَالِ مِنًى وَإِذَا صَارُوا فِيهِ سَقَطَ الْوَدَاعُ إذْ لَا مُفَارَقَةَ لِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَصَدُوا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى لِيَأْتُوا بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يَسِيرُونَ مِنْهَا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ وَدَاعٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا فَرَغُوا مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا وَهُمْ فِي وَطَنِهِمْ وَمُفَارَقَةُ الْوَطَنِ بَعْدَ مَكَّةَ لَا تُوجِبُ وَدَاعًا وَلَوْ اسْتَمَرُّوا بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى مِنًى فَهَلْ يَجِبُ الْوَدَاعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوُجُوبُ مُحْتَمَلٌ فَلْيُرَاجَعْ جَمِيعُ ذَلِكَ.